هل من خطوات عملية أحقق بها الرضا لأجنى الثمرات ؟
قد يقول أحدنا : بعد أن تعرفنا على أوقات وأحوال طلب الرضا ، ومتى يرضى الله عنا ، وما ثمار الرضا في حياتنا ، لقد اشتقت لرضا الله ، فهل من خطوات عملية أستطيع أن أسلكها ؟
ليس الأمر صعباً ، بعد هذه الجولة , فافعل الآتي :

-1-افعل كل ما يحب الله أن تصنعه :
فكل ما يحبه الله يرضاه منك ، من الأقوال والأفعال والظاهرة والباطنة، لأن
حقيقة الرضا هي العمل الصالح , في امتثال أمر الله واجتناب نهيه , يقول
تعالى :{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ
رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ
خَشِيَ رَبَّهُ
(Cool} البينة.

2_ارض عن ثلاثة أشياء :
تعيش سعيدًا، وكأنك في الجنة،
يقول النبى صلـى الله عليه وسلم :
e]ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً ]صحيح مسلم
.
وقد قيل في حقيقة الرضا : من رضى الله في كل شئ فقد بلغ حد الرضا , وقيل :
عدم الحرص على الازدياد فهذا غنى النفس ، ولا يكون غنياً حتى يرضى بما قسم
الله، وقيل : من لم يتكلم بغير الرضا فهو راضى.

3_ ارضَ بقدر الله حلوه ومره :
وقل دائماً : [ ما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يكن ]
فما أيامـنا إلا أمـر من ثلاثة أمور :
ــ أمرٌ نحبه : ( صحة أو غنى أو لذة أوعافية ) يوجب علينا الشكر ،
ــ وإما
أمرٌ نكرهه : ( مرض أو فقر أو ألم أو مصيبة ) يوجب علينا الصبر ، مع الأخذ
بأسباب دفعه , لو كان ذلك في الاستطاعة ، ( كالحريق أو الأذى أو المرض ).
ــ
وإما أمرٌ باختيار الإنسان ورضاه : ( كالمعصية و الذنب والخطيئة ) ، وأصل
ذلك هو الرضا عن النفس ، أو الرضا بالمعصية ، أو الرضا بالبدعة ، أو الرضا
بالمنكر ، أو الرضا بالعيب ، أو الرضا بالخطأ ، الذي يصل إلى حد الإدمان ،
حيث يستعصى العلاج ويطول .

- 4-مواجهة عدم الرضا وإنكار الخطايا من الآخرين:
حتى لا يتسمم جو الرضا :قال النبي صلـى الله عليه وسلم : "إذا عملت الخطيئة في الأرض ؛ كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها ، و من غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها"الراوي:
العرس بن عميرة الكندي المحدث: الألباني
- المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 689
خلاصة حكم المحدث: حسن .ان
مجرد الرضا عن انتشار الفساد والخطايا على الأرض ، وإن لم يشهدها الإنسان
، لأنه في بلد آخر ، فبمجرد الرضا بها , كأنه شاهد هذا الفساد ، أو هذه
الخطيئة .


- 5-مواجهة السياسيين الذين لا يلتزمون بالإصلاح والصلاح :
وينشرون الاستبداد والفساد ، وذلك بعدم الرضا عن فعلهم أو متابعتهم ، فالرضا بهم يجرّ اتباعَهم , والانضمام إلى قافلة فسادهم.
.عن أم سلمة قول النبى صلـى الله عليه وسلم: l]سيكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضى وتابع، قالوا : أفلا نقاتلهم؟، قال : لا ما صلّوا ].صحيح مسلم

- 6-لا أعاتب على نيات الناس :
أو أحاسبهم ، لإخفاء عدم الرضا بما قسمه الله ، فأتهمهم , وفى الحقيقة أنا
ساخط على نصيبى ، على قدرى ، على قسمة الله ، التى أرادها لى.
وهذا
كان سر غضب النبى صلـى الله عليه وسلم, من قول أحد المنافقين , وهو يعترض
على قسمة الله له , قائلا للنبى : [ إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله ]
(صحيح البخاري)

-7- التوكل الحـقيقى عـلى الله تعالى :
لأنـه من الوسـائل الـقوية في تحـقيق الرضا ، يقـول تعـالى :
{ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } المائدة / 23 .
قال النبى صلـى الله عليه وسلم:" من سره أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله" المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - خلاصة حكم المحدث: حسن. ويقول تعالى : {وَلَوْ
أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا
اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ
رَاغِبُونَ
} التوبة / 59 .
يقول ابن كثير : ( فالرضا سبق التوكل في قوله { وقالوا حسبنا الله } ) ، أى إنهم بتوكلهم الحقيقى كانوا راضين حق الرضا ، فقبل المقدور يسمى توكل , وبعد المقدور هو رضا ، وقبل القضاء تفويض وبعد القضاء رضا وتسليم ، وفى كلٍ هو رضا .

8- الابتعاد عن السخط :
فالسخط من شقاوة العين ، أن يسخط الإنسان بما قسم الله له ، وبذلك يحزن على ما فات ، لأن الحزن يخرج عن الرضا.
.عندما بكى النبى صلـى الله عليه وسلم عند مرض سعد بن عبادة ، قال لمن حضر :e]إن الله لا يعذب بدمع العين , ولا بحزن القلب , ولكن يعذب بهذا (وأشار إلى لسانه)]صحيح البخاري.
أى حينما تخرج منه كلمات السخط , والاعتراض على ما قسم الله له .


9- الرضا بالمقسوم من الرزق :
فما هو مقسوم لك فهو واصل إليك ، والرضا بالمقسوم من الرزق يدفع إلى العمل
، ويمنح الإنسان قوة على التكسب ، وليس معناه الاستسلام ، قال النبي صلـى
الله عليه وسلم :"
على
كل مسلم صدقة . فقالوا : يا نبي الله ، فمن لم يجد ؟ قال : يعمل بيده ،
فينفع نفسه ويتصدق . قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : يعين ذا الحاجة الملهوف .
قالوا : فإن لم يجد ؟ قال : فليعمل بالمعروف ، وليمسك عن الشر ، فإنها له
صدقة .
"صحيح البخاري .
فالرضا يدفعك إلى الرضا ، وبذلك يجرّك إلى العمل , الذي ترضى به الله تعالى ، حتى ولو كان عند عدم الاستطاعة ، بالإمساك عن الشر .

- 10-الرضا بالمصيبة هو أن أتأكد من أنها من عند الله :
وهذا هو التسليم لله ، يقول ابن مسعود في تفسير قوله تعالى :
{ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } التغابن / 11
قال : هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله ، فيرضى ويسلم .
قال النبي صلـى الله عليه وسلم : " لا
يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، فإن كان لا بد متمنيا للموت فليقل :
اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي
"صحيح البخاري .

ومن
أشكال المصائب في حياتنا التى يجزع لها الإنسان , وعليه أن ينتبه إليها : (
البخل والضجر والعجلة واليأس والطمع والخوف وضعف النفس والجبن والشر
والإمساك والمنع والأذى ، وغير ذلك كثير ) .